
.
تُدهشني الأمور التي يخاف منها الناس، فهناك من يخافون المرض أو فقدان وظيفتهم أو الفشل أو الارتباط أو إعتلاء المنبر والبعض يخاف من الامتحانات والحشرات والمرتفعات وما إلى ذلك.
وقد تبدو بعض المخاوف أبسط من غيرها، إلا أن مشاعر الخوف أي كان سببها ليست من الله. والحقيقة هي الخوف هو أحد الأسلحة التي يستخدمها إبليس لكي يمنعنا من تحقيق قصد الله من حياتنا
وهنا أريد أن أسألك: من أي شيء تخاف؟ هل هناك شيء أو موقف يخيفك؟ هل يسرق الخوف سلامك ويجعلك قلقاً طوال الوقت؟
إن أجبت بنعم، أريد أن أشجعك اليوم. الله يرى ظروفك وهو يحبك ويريدك أن تثق به وأن تسمح له أن يساعدك.
مضاد الخوف
تقول كلمة الله في 1يوحنا 4: 18 ” 18لا خَوْفَ في المَحَبَّةِ، بل المَحَبَّةُ الكامِلَةُ تطرَحُ الخَوْفَ إلَى خارِجٍ.”
إن فهم واستيعاب محبة الله لنا هو المضاد الفعّال للخوف، فهو يريدنا أن نعرف عظمة محبته لنا وشوق قلبه لمساعدتنا.
عندما أفكر في أولادي –وبالأخص عندما كانوا صغاراً- أتذكر أني على استعداد لمساعدتهم بكل ما في وسعي عندما يقعون في مشاكل أو يتعرضون للأذى من شخص ما.
فإن كانت هذه هي مشاعرنا تجاه أولادنا، فكم بالحري الله تجاه أولاده؟ إلا أنه يفوقنا بكثير لأنه غير محدود ولأنه لا يستحيل عليه شيء. أنا أثق أنه سيعيننا في كل موقف وفي كل ظرف وهذا ما تعلنه كلمة الله في عبرانيين 13: 5-6.
يريدنا الله أن نعرف أنه سيعتني بنا بينما نضع ثقتنا فيه. قد لا نعرف توقيتاته أو الطريقة التي سيتدخل بها، ولكن نستطيع أن نثق أنه سيسدد احتياجاتنا.
افعل الأمر بالرغم من مخاوفك
منذ سنوات، سمعت قصة عن امرأة مؤمنة شلها الخوف فكانت النتيجة أنها قضت معظم وقتها في منزلها ونادراً ما كانت تقابل أحداً.
ذات يوم قالت لصديقة لها “لقد عشت حياتي كلها في خوف، لا أعلم ماذا عليّ أن أفعل، لقد خسرت حياتي!”
نظرت إليها صديقتها وقالت لها: “أي كان ما تنوين فعله، لماذا لا تفعلينه بالرغم من خوفك؟”
لقد علمتني هذه القصة درساً مُهماً. تقول كلمة الله “لا تخف” وهذا لا يعني أننا لن نشعر بالخوف ولكنه يوصينا ألا نسمح لمشاعر الخوف أن تتحكم فينا وتمنعنا من التقدم للأمام. عندما نشعر بالخوف، علينا أن نختار أن نفعل الأمر بالرغم من مخاوفنا.
حياة بلا حدود
لن أنسى الخبرة التي اجتزت فيها خلال السنوات الأولى من الخدمة عندما دُعيت للوعظ في أحد المؤتمرات بعد أن اعتذر أحد الخدام، فكنت أنا البديل له. لم أكن على قائمة المتكلمين الأساسيين ولكني دُعيت لكي أقود ورشة عمل فرعية في هذا المؤتمر.
مع بداية المؤتمر، طُلب من كل قادة ورش العمل أن يعتلوا المنبر ليعطوا المشاركين لمحة عن الموضوع الذي سيتناولوه في ورشة العمل في اليوم التالي. أتذكر أن كل الخدام كانوا ذوي ألقاب مُبهرة مثل “القس” و”الراعي” و “الدكتور” وكنت أنا “جويس ماير” -بدون ألقاب- من ولاية ميسوري ولم يكن أحد قد سمع عني.
عندما جاء دوري لكي أتكلم، كنت مرعوبة. لم يزد عدد الحضور عن 900 شخص ولكن بالنسبة لي كانوا 9 مليون. وبسبب خوفي، تحشرج صوتي في بداية حديثي!
تمنيت لو استطعت أن انزل من على المنبر وسمعت صوت عدو الخير يهمس في أذني بأفكار مثل “ماذا تفعلين هنا؟ عليك العودة إلى ميسوري بلا رجعة!”
ولكني تمكنت من مشاركة الحضور بالموضوع الذي سوف أتحدث عنه واندهشت عندما رأيت عدد كبير من الحضور في ورشة العمل في اليوم التالي. كم أشكر الرب لأني لم استسلم ولم أهرب بسبب خوفي وإلا ما كنت قد حصدت البركات التي ذخرها لي الرب اليوم.
أرأيتم؟ يريدنا أبليس أن نتقوقع بالخوف ونعيش حياة محدودة، قاصرة وبلا معنى، في حين يريدنا الله أن نحيا خالية من الخوف، حياة بلا حدود، حياة مُشبعة. يريدنا أن نتمتع بالحرية والإبداع بلا خوف أو قلق.
تقول كلمة الله في يوحنا 14: 27 ” سلامًا أترُكُ لكُمْ. سلامي أُعطيكُمْ. ليس كما يُعطي العالَمُ أُعطيكُمْ أنا. لا تضطَرِبْ قُلوبُكُمْ ولا ترهَبْ.”
هذه الآية هي بمثابة وعد ووصية. ففي المسيح نستطيع أن نتمتع بسلامه العجيب الذي يفوق أي شيء يمكن أن يمنحه لنا العالم وفي ذات الوقت توصينا أن نقوم بدونا فلا نسمح للخوف أن يشُل حياتنا وأن نرفض أن يستوقفنا عدو الخير.
تذكر أن الله أكبر من أي شيء نواجهه اليوم في حياتنا، فهو أكبر من الأمور التي نقلق بشأنها والمشاكل والمخاوف التي تواجهنا. هو يعلم احتياجاتنا حتى قبل أن نحتاج إليها، كما أنه يُسر بالاعتناء بنا.
من أجل كل هذه الأمور نستطيع أن نقول بملء الثقة ” الرَّبُّ مُعينٌ لي فلا أخافُ.” (عبرانيين 13: 6)