
.
– بقلم جويس ماير
كلنا نعرف المقصود بكلمة شهيد، وربما سمعنا العديد من القصص المؤلمة عن أبطال من الرجال والسيدات الذين قدموا أغلى ما لديهم وضحوا بحياتهم من أجل قضية يؤمنون بها. ولكن هناك نوع آخر من الشهداء الذين لا يتحلوا بصفات الشجاعة والنبل ولكنهم يعانون معاناة شديدة بشكل مستمر ويرغبون دائماً في مشاركة آلامهم مع كل من يبدي استعداداً للاستماع لهم، كما أنهم يريدون أن يعرف جميع من حولهم بالتضحيات التي قدموها في حياتهم.
التقيت منذ فترة بامرأة من هذا النوع، كانت تشعر دائما أنها آمة لأسرتها، وبكل تأكيد كان لديها اتجاه الاستشهاد. وكنت أشعر بالتعب والملل من حديثها المستمر عن تضحياتها والأمور التى تقدمها للجميع وعن عدم تقدير الناس لكل ما تفعله، وكأنها تسجل كل الأعمال الذي كانت تعملها مقابل التقدير والمكافأة التي كانت تحصل عليهم، الأمر الذي أدى إلى تدمير زواجها وانهيار علاقاتها مع أطفالها. يا لها من مأساة!
ما أسهل الوقوع في “فخ الاستشهاد “، وما أسهل أن نبدأ بالمحبة وبخدمه أسرنا وأصدقاءنا وبمرور الوقت يحدث تغييراً في قلوبنا ونبدأ في توقع وانتظار المقابل هذه المحبة وهذه الخدمة. وفى النهاية، بعد أن نكون قد قمنا بتقديم بكل هذه التضحيات الكثيرة، نبحث عن قلب الخادم فلا نجده. ثم نشعر بالإحباط لأن توقعاتنا لم تتحقق ويتغير اتجاه القلب وسرعان ما نجد أنفسنا نغوص في مستنقع من الشفقة على النفس ونتحول إلى شهداء.
استيقظت مبكراً في صباح أحد الأيام وذهبت لأعمل فنجان من القهوة وشعرت بأن الرب يوجهني أن أعد طبق من سلاطة الفاكهة لزوجي ديف، فهو يحب تناول سلاطة الفاكهة صباحا. كنت اعلم انه سيكون أمرا لطيفا منى إذا قمت بعمل ذلك من أجله.
كان ديف مازال نائما وكان لدي وقت كاف لإعدادها وبذلك يمكني مفاجئته بها عندما يستيقظ. وكانت المشكلة الحقيقية بالنسبة لي أني لم أكن أرغب حقا في إعداد سلاطة الفاكهة. فيمكنني أن اعد له موزة أو تفاحة بدلا من استنفاذ الوقت والمجهود في تجهيز وتقطيع الفاكهة، ثم وضعها في سلطانية لتقديمها له، كما كنت أفضل أن أقضي الوقت في الصلاة وقراءة الكتاب المقدس عوضا عن ذلك، وقلت لنفسي لماذا يجب علي أن أقوم دائما بعمل مثل هذه الأشياء له؟ ولماذا لا يقوم هو بعمل مثل هذه الأشياء لي؟ ثم أني أريد أن ادرس الكتاب المقدس وأصلي . تلك هي خدمتي.
إن الأمر يبدو حقا مضحكا عندما نخطئ التفكير ونجعل الأمور الروحية تأخذ مكان الطاعة ظانين أننا بذلك نصبح أكثر قداسه، ولكن الحقيقة هي غير ذلك. لقد ذكرني الرب بكل لطف أن خدمة ديف هي بمثابة خدمة له. فأطعت وقمت بإعداد طبق سلاطة الفاكهة وقدمته لديف عندما أستيقظ من النوم.
كثيرا ما أتساءل عن عدد الزيجات التي كان من الممكن أن تتجنب الطلاق وتبقى بعيداً عن دور القضاء فقط إذا رغب الطرفان في التعبير عن حبهما بخدمة كل منهما للآخر. في هذه الأيام يبدو وكأن كل طرف يريد حريته، وقد حررنا يسوع بالفعل ولكنه لا يريد أن يستغل أحد هذه الحرية في أغراض أنانية بل في خدمة الآخرين.
أنا بكل تأكيد أحب زوجي، ولكن في كثير من الأحيان تكون خدمته أفضل وسيلة للتعبير عن هذا الحب.إن التعبير عن الحب بالكلام أمر رائع حقا، ولكن السلوك بالمحبة لا يجب أن يكون مجرد كلاماً بل ينبغي أن يكون التزاماً، كيف أحب زوجي وأنا لا أريد أن أفعل شيئاً لأجله؟
لا أتذكر أني حصلت في ذلك اليوم علي أية مكافأة محددة من ديف مقابل إعدادي سلاطة الفاكهة له. لقد شكرني ولكن لم يحدث شئ مثير. لكن كانت هناك مكافآت وثمار للطاعة من السلام والفرح في حياتي لم أدركها من قبل.
من المؤكد إننا نفقد بركات كثيرة لأننا لا نقدم للآخرين ما نحب أن يُقدَم لنا. نحن نحب أن ننال البركة من نفس الأشخاص الذين نباركهم، ولكن الأمر لا يكون دائما هكذا.
إذا لم يكن زواجك أو أسرتك كما تحب أن تكون، يمكنك تغيير الوضع بالكامل فقط إن قمت بتبني هذا المبدأ في حياتك من الآن. ربما كنت تنتظر شريك حياتك أن يفعل شيئا من أجلك. وربما كنت ترفض بشدة معاندا أن تأخذ المبادرة وتتحرك تجاهه. ابتلع كبريائك وأنقذ زواجك وكف عن موقف الشهيد وترديد التضحيات التي تقدمها. كن خادما لشريك حياتك وتحرر من مركزية الذات وركز على الآخرين. كن خادماً لا شهيداً.