
.
لا يحبّ الناس بمعظمهم المواجهة، وإذا كنت تحبُّذها فأنت ضمن الأقليَّة. يخاف كثيرون منها ويقولون لأنفسهم إنَّها صعبة جدًّا. وعندما يجدون أنفسهم أمام وضع صعب أو إنسان صعب المراس، يتجنَّبونه ويهربون لأطول مدَّة ممكنة.
كثيرة هي الأمور التي يهرب الناس منها، ومن بينها الأمور الجديدة أو التغيير بشكل عام، ويهرب البعض من ماضيهم كما يهرب أناس كثر في مجتمعنا من المسؤوليَّة.
لكن عندما تهرب من أمر ما، تجد نفسك عالقًا في مكانك ولا تحرز أيَّ تقدُّم.
لم يحدث لي شخصيًّا أن واجهت صعوبة في مواجهة الناس، فأنا كنت أواجه أكثر مما يلزم، لكن كانت لديّ مشكلة في كيفيَّة التعامل مع المواجهة، وكان عليّ أن أتعلَّم مواجهة الناس والمواقف بالطريقة التي اعتمدها يسوع.
نحن نعتقد أحيانًا أنَّه من الأسهل أن نمتنع عن مواجهة المشكلة، متمنين أن تختفي من تلقاء نفسها، لكن الطريق إلى الحرية الحقيقيَّة لا يمرّ في الاختباء!
حان الوقت للتوقف عن الهروب
يجب أن نتوقَّف عن الهروب من المواقف الصعبة لأنَّ الله لا يريد أن نخاف، بل أن نتحلَّى بالجرأة والشجاعة عالمين أنَّنا قادرون على مواجهة أي مشكلة تعترض طريقنا!
وجاء في رسالة يوحنا الأولى 4: 4، ‘‘أَنْتُمْ مِنَ ٱللهِ أَيُّهَا ٱلْأَوْلَادُ، وَقَدْ غَلَبْتُمُوهُمْ لِأَنَّ ٱلَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ ٱلَّذِي فِي ٱلْعَالَمِ’’.
وعندما ينتابك الخوف إزاء مواجهة شخص أو موقف ما، أعلِن هذه الآية وذكِّر العدو بموقعه قائلًا، ‘‘لا! لن أتساهل مع الخوف بعد اليوم’’.
ابحث عن مصدر قوَّتك
ربَّما يجب أن تشعل نار الروح القدس في داخلك قائلًا، ‘‘أنا ابنٌ لله، ولن أعيش مسحوقًا طوال حياتي. لن أعيش في الخوف ولن أهرب من شيء لأنَّني أستطيع كلَّ شيء في المسيح الذي يقوِّيني’’.
يمكنك إمَّا مواجهة مشكلتك أو اختيار الهروب منها، لكنَّ الكتاب المقدس يبيِّن بوضوح ما يحدث للأشخاص الذين يهربون من دعوة الله لحياتهم.
ينتهي بهم الأمر في البرية…
إبقَ خارج البرية
سأتحدَّث عن هروب شخصيَّتين مذكورتين في الكتاب المقدَّس لدى شعورهما بالخوف، مبيِّنةً كيف أنَّ الله ساعدهما على مواجهة خوفهما.
موسى. أعدَّ الله خطَّة لحياة موسى، لكنَّ هذا الأخير ارتكب خطأ في سنّ الأربعين، وبدلًا من مواجهة فرعون، هرب ‘‘وسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ’’ (خروج 2: 15)، وهي برية خارج أرض مصر.
وأمضى السنوات الأربعين التالية وهو في حالة انتظار، فحرَّره الله من بعض الأمور قبل أن يصبح جاهزًا، في سن الثمانين، للرجوع وقيادة بني إسرائيل.
هاجر. نقرأ في سفر التكوين عن الجارية التي واجهت موقفًا سيئًا جدًّا مع إبراهيم وزوجته سارة…
فعندما وجدت نفسها حاملًا من ابراهيم، عملًا بفكرة سارة، نشأ نزاع كبير بينها وبين سارة، فانتهى بها الأمر هاربةً، ويقول الكتاب المقدس إنَّها وُجدت عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ.
ثمَّ قال لها ملاك الرب، ‘‘ٱرْجِعِي إِلَى مَوْلَاتِكِ وَٱخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا’’ (تكوين 16: 9)
وواجهت هاجر الموقف السيء بالرغم من صعوبته، لأنَّها أرادت العمل بكلام الله.
ماذا عنك؟ هل أنت في البرية اليوم لأنَّك تتجنَّب المواجهة بسبب الخوف؟
ليس عليك البقاء في البرية هاربًا من الصعوبات طيلة أيَّام حياتك، بل يمكنك الخروج منها والعيش في أرض الموعد التي أعدَّها الله لك إذا بدأت بمواجهة المشاكل.