
.
يمكن للخيارات التي نقوم بها كلَّ يوم، مثل وضع حزام الأمان أو رفع أجسام ثقيلة بصورة صحيحة، أو تعمُّد الابتعاد عن الخطر، إمَّا أن تضمن سلامتنا أو أن تضعنا في ظروف مضرَّة بنا.
ويتوجّب علينا بصفتنا مؤمنين القيام بخيارات أيضًا، وترسم كلمة الله الحدود اللازمة لإبقائنا ضمن دائرة الأمان التي وضعها الله، وتطلعنا على ما يجب علينا فعله لنبقى في أمان، وما يجب أن نمتنع عن فعله لئلا نعرِّض أنفسنا للخطر.
أين هي حدودك؟
يجب أن نقرِّر ترتيب حياتنا بصورة صحيحة.
وتُعتَبر ممارسة ضبط النفس، والانضباط، ووضع الحدود في حياتنا من أهم الأمور التي نقوم بها. فحياة بدون انضباط هي حياة مليئة بالإهمال.
قد نعتقد أنَّه من المثير أن نعيش حياتنا على الحافة. فنحن نحبّ الصورة التي توحي بالقول، ‘‘نعم! هذا أنا! أعيش على الحافة!’’ وأصبحت هذه النظرة إلى الحياة شائعة. لكن بصراحة، لا يريد الله أن نعيش على الحافة، فإذا فعلنا هذا، لا يبقى لنا هامش للخطأ.
البقاء ضمن الحدود
نشاهد على الطرقات السريعة خطوطًا توفِّر هوامش لسلامتنا في أثناء القيادة، فإذا انحرفنا نحو أحد الجوانب نقع في الخندق وإذا عبرنا الفاصل الوسطي، فقد نلقى حتفنا، ونحن نحبّ تلك الخطوط لأنَّها تضمن سلامتنا المروريَّة، وأحيانًا لا ندرك كيف أنَّ هذه الخطوط تحافظ على سلامتنا.
هكذا أيضًا، عندما نبدأ بوضع حدود وحواجز وهوامش في حياتنا الشخصيَّة، نشعر بتحسُّن كبير ونختبر سلام الله.
مبادئ توجيهيَّة نحو حياة أفضل
• ضَع حدودًا
• انتبه إلى الإشارات التحذيريَّة
• قُم بالتغييرات اللازمة
• ضَع حدودًا لنفسك
• كُن على طبيعتك
• حقِّق التوازن
• اثبت في كلمة الله
هل بلغتَ حدودك؟
ربَّما أنت تعيش حياة غير مستدامة، أي أنَّك تقول كلامًا مثل، ‘‘لا يمكنني فعل هذا الأمر لفترة أطول. لا يمكنني تحمُّل هذا الأمر إلى الأبد. إذا عشت على هذا النحو عامًا واحدًا بعد، فسيُقضى علي. لم أعد أحتمل!’’
إذا قمنا بتعليقات مثل هذه، فنحن نقول بتعبير آخر، ‘‘أعلم أنَّ لديّ حدود وأدرك جيِّدًا أنَّني وصلتُ إليها، لكنَّني سأتجاهلها وأرى إلى أي مدى سأتمكَّن من الاستمرار’’.
لا أفتخر بما كانت عليه حالي، ففي خلال السنوات العشرين الأولى من خدمتي، تجاهلت الحدود في حياتي، وكنت في حالة مزرية جسديًّا في معظم الأحيان، فهرعت إلى الأطباء محاولة تحسين حالي من خلال الأدوية والفيتامينات والعلاجات الطبيعيَّة وكلّ الحلول المتاحة. وكان البعض منهم يقولون لي إنَّه مجرَّد إجهاد، فأشعر بالغضب ظنًّا منِّي أنَّ الإجهاد يعني أني لا أحب ما أقوم به، أو لا أستطيع التعامل مع الحياة، فيما أنا أحب ما أقوم به، لكنَّني ظللت أضغط على نفسي وأسافر وألتزم بالوعظ في المؤتمرات، مسبِّبة الإرهاق لنفسي.
لا تؤجِّل التغيير
أسترجع الماضي وأفكِّر أني لولا رحمة الله لكنتُ من عداد الأموات، فبعد أن اعتقدت لسنوات طويلة أن الأطباء مخطئون، أدركت أخيرًا أنَّنا لا نستطيع خرق قوانين الله الروحية أو الصحيَّة أو قواعده المتعلِّقة بالراحة بدون أن ندفع الثمن، فأجريت بعض التغييرات!
ينطبق المبدأ نفسه على العلاقات، فالناس يرسلون إلينا إنذارات لإعلامنا بأنَّهم ليسوا سعداء في علاقتهم بنا، لكن كم من الأشخاص يقومون بالتغييرات اللازمة لتحسين علاقاتهم قبل فوات الأوان؟
وإذا تبيَّن لنا أنَّنا نعيش نمط حياة غير مستدام، يجب أن نكفَ عن تأجيل القيام بالتغييرات اللازمة لئلَّا نصاب بانهيار عصبي أو أزمة قلبيَّة أو نخسر الجميع في حياتنا.
إسعَ إلى لتوازن وابتعد عن الضغوطات
في الأصحاح 11 من سفر العدد، يقدِّم لنا موسى مثالًا عمَّا يمكننا فعله عندما نرزح تحت وطأة الضغوطات. فهو كان يقود بني إسرائيل في البرية وكان يُفترض أن تنتهي الرحلة في غضون 11 يومًا، لكنَّها استغرقت 40 سنة.
ونتيجة ذلك، أصيب الشعب بالإحباط وراحوا يبكون على حالهم، وفي العدد 14 قال موسى لله، ‘‘لَا أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَ جَمِيعَ هَذَا ٱلشَّعْبِ لِأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَلَيَّ’’.
وهكذا، يمكننا القول على غرار موسى، ‘‘بلغت حدود قدراتي’’. وصحيح أنَّ الكتاب المقدَّس يقول، ‘‘أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي يُقَوِّينِي’’ (فيلبِّي 4: 13)، لكنَّه يشير بهذه الآية إلى الأوقات التي نواجه فيها محنًا وشدائد مختلفة ويساعدنا الله على اجتيازها.
وليس علينا، أنتم وأنا، أن نحذو حذو الآخرين أو أن نتحمَّل الآخرين، وإنَّما على كلِّ واحد منَّا أن يكون الإنسان الذي خلقه الله ليكونه، وليس عليه الاعتذار، فنحن لسنا متشابهين، ويجب أن نجد منطقة الراحة التي أعدَّها الله لنا لنعيش فيها، لكي نستمتع بحياتنا بدلًا من إرهاق أنفسنا بفرط الإجهاد والضغوطات.
وتذكَّر أنَّ الحدود الموضوعة في كلمة الله لا تعني أنَّه يحاول سجننا أو عرقلتنا، فهو لا يريد التحكُّم فينا بما يتعارض مع مشيئته. ويمكن أن نتجاوز تلك الحدود إذا أردنا ترك منطقة الراحة التي أسَّسها لنا الله في كلمته. فهو أعطانا إرشادات ووصايا لكي ننعم بحياة أفضل، وكلُّ ما يطلب منا فعله هو لأجل منفعتنا.