
.
بالنعمة نحن مخلَّصون… بالإيمان. يا لها من عطيَّة رائعة! لكن المؤسف أنَّ كثير من المؤمنين يعيشون كما جاء في رسالة غلاطية 3: 3.
‘‘أَهَكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ٱبْتَدَأْتُمْ بِٱلرُّوحِ تُكَمَّلُونَ ٱلْآنَ بِٱلْجَسَدِ؟’’
دعونا نفكر قليلاً في هذا السؤال. كيف وصلنا إلى هذه الحالة؟
أعتقد أنَّ كثيرين بيننا، سواء أدركوا ذلك أو لا، يدخلون في علاقة بالله بالإيمان، ثمَّ يحاولون الحفاظ على هذه العلاقة بطرقهم الخاصَّة. فنحن نلنا الخلاص بالإيمان لكنَّنا نحاول تتميم خلاصنا بمجهودنا.
والمحزن هو أن هذا المجهود لا يأتي بثمر.
مَن هو مصدر قوَّتك؟
يمكننا أن نعمل ونجتهد لتغيير أنفسنا لكنَّنا لن نجد سوى الإحباط في كلِّ مرَّة.
قد نحقِّق تغييرات بسيطة هنا وهناك لكنَّنا لن نرى تغيير حقيقي ودائم في حياتنا إلَّا عندما نطلب مساعدة الله ونعتمد على روحه لقيادتنا.
نجد في سفر زكريَّا مثلًا توضيحيًّا جميلًا عمَّا يجب أن نكون عليه، فهو يصف منارة كلُّها ذهب على رأسها كوز يُزوَّد باستمرار بالزيت من شجرتَي زيتون عند جانبيه.
يرمز الزيت إلى روح الله القدوس، وتُزوَّد المنارة بالزيت باستمرار من خلال الكوز، وهذا ما نحتاج إليه؛ نحتاج إلى إمداد مستمرّ بقوَّة الله.
فنحن لا نستطيع إصلاح أنفسنا بقوتنا أو قدرتنا أو مجهودنا الخاص ‘‘بَلْ بِرُوحِي (الذي يرمز إليه الزيت) قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُود’’ (زكريا 4: 6)
هذه هي قوَّة النعمة، ونحن نحتاج إلى هذا النوع من القوَّة لتخطِّي المشاكل والعقبات في الحياة.
هل أنت متصل بالروح القدس؟
هذا مثل توضيحي آخر. تخيَّل نفسك في يوم حار، وأنت تشعر بالانزعاج وتتعرَّق حتَّى إنَّك تنفعل بسرعة لشدَّة الحرّ، لكنَّك تجد مروحة…
فتحملها وتقرِّبها إلى وجهك… لكن لا يحدث شيء ويظلّ الجوّ حارًّا! تفحص المروحة وتجد أنَّ بها كل القطع الضروريَّة لكنَّها لا تعمل، فتزداد انزعاجًا.
ثمَّ تكتشف أنَّها غير متصلة بالتيار الكهربائي، وهذا ما تحتاج إليه المروحة- إمداد مستمرّ بالتيار الكهربائي لكي تعمل. إذًا، يجب توصيلها بالتيار الكهربائي.
وهذا ما نحتاج إليه نحن أيضًا، الاتصال الدائم بالروح القدس ليمدَّنا باستمرار بقوَّة الله ونعمته لحياتنا.
لا تكمن نصرتنا في الطرق أو المبادئ التي نتَّبعها، ولا يمكنك شراء النعمة بالصلاة أو دراسة الكتاب المقدَّس أو إعلان آيات الكتاب المقدَّس، مع أنَّ هذه كلُّها مفيدة لك، لكنَّ نصرتك في الحياة تأتي من اتصالك المستمر بإمداد الروح القدس.
الله هو ‘‘متمِّم العمل’’ العظيم
فكِّر في الأمر على هذا النحو: يتَّبع المزارعون صيغًا للزراعة، ولكن ليس للحصاد، ويمكن تشبيه طرقنا ومبادئنا بالبذور، لكنَّ نعمة الله هي التي تنمِّي الحصاد.
وهنا علينا أن نختار؛ إمَّا الاعتماد على إنسانيتنا (جهودنا الخاصَّة) أو على النعمة (قوَّة الله). يمكننا إمَّا السلوك بالجسد، أي قوَّتنا الخاصَّة، أو تسليم القيادة للروح القدس.
ويمكننا إمَّا تمضية حياتنا بكاملها معتمدين على قوَّتنا الخاصَّة فلا نحقّق سوى تغيير بسيط في حياتنا، أو نتعلُّم الاعتماد على الروح القدس لإرشادنا وفق خطَّة الله لحياتنا، والبدء برؤية تغيير حقيقي.
وكلَّما أسرعنا في الإدراك أنَّنا لا نستطيع النجاح بدون مساعدته، فهمنا بسرعة أنَّنا نستطيع أن نسترخي و‘‘نتَّصل بالروح القدس’’، وبهذه الطريقة نرفع الضغط عن أنفسنا، لأنَّ الله هو من يتمِّم العمل الذي بدأه عندما خلَّصنا (فيلبِّي 1: 6).
إذًا، يمكنك أن تكون مؤمنًا أو منجزًا. والمنجز يعمل ويعمل… هو مخلَّص بالنعمة لكنَّه يسلك بقوَّته البشرية، أمَّا المؤمن فهو يرتاح في نعمة الله ويتبع قيادة الروح القدس نحو حياة فيَّاضة ومثمرة ومنتصرة.