
.
لا يوجد أمر أغلى من حضور الله في حياتنا، وهدفي من التعليم عن حضور الله هو تعزيز رغبتك في طاعة الله بصورة كاملة وفوريَّة.
فكلَّما أحببنا الله ووثقنا به وأطعناه، تعاظمت مسحته في حياتنا.
فمحبَّة الله لك كاملة ومطلقة وغير مشروطة، ويستحيل أن يحبَّك أكثر ممَّا يفعل الآن، ومحبَّته لك ثابتة لا تتغيَّر أبدًا، لكن يمكن أن تنمو في محبَّتك لله.
وعندما نتعلَّم المزيد عن صفات الله ونتعرَّف إليه أكثر من خلال علاقتنا الشخصيَّة به، تزداد ثقتنا به ومحبَّتنا له، ويتعزَّز عمل مسحة الروح القدس فينا ومن خلالنا.
ما هي المسحة؟
يسوع المسيح هو الممسوح من الله، وعندما نولد من جديد، تثبت مسحته فينا.
وتعني كلمة ‘‘يمسح’’، أن يدهن أو يفرك بالكامل’’. من الرائع أن نفكَّر أنَّنا في المسيح ‘‘مدهونون بالكامل’’ بالروح القدس.
فالمسحة هي، من ناحية، عطية مجانية من الله، ننالها بالنعمة والرحمة، لكن من ناحية أخرى، علينا أن ندفع ثمنها.
وجاء في رسالة يوحنا الأولى 2: 27، ‘‘وَأَمَّا أَنْتُمْ فَٱلْمَسْحَةُ (التعيين المقدس، الدهن بالزيت) ٱلَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ (دومًا) فِيكُم’’…
لاحظوا أن الآية تقول إن المسحة ثابتة دومًا ولا تزول.
أحبّ أيضًا كلمة ‘‘دهن’’، ويُشار بها إلى الحماسة بالروح القدس، أو إلى القوَّة لعمل ما يدعونا الله إليه.
نحن نتعلَّم كيفيَّة العيش من خلال قيادة الروح القدس وإرشاداته وحثِّه لنا في قلوبنا على القيام بأمور معيَّنة. وعندما نتبع مسحة الروح القدس، نشعر بسلام وفرح نتيجة اتِّخاذنا قرارات حكيمة.
لذا، علينا حماية المسحة أكثر من أي شيء آخر في حياتنا.
كيف نطلق المسحة…
تثبت المسحة فينا عندما نقبل المسيح ونبدأ ببناء علاقتنا به، لكن يستحيل أن ينطلق عملها من خلال حياتنا ما لم ننكسر أمام الله. عندئذٍ، ينسكب زيت الروح القدس الذي فينا ليعود بالمنفعة على الآخرين.
وما الذي يجب أن ينكسر فينا؟
إن التمرُّد والعناد والكبرياء وغيرها من مظاهر عدم الطاعة تعيق عمل المسحة من خلالنا.
والقناة التي تنتقل المسحة عبرها هي النفس، أي الذهن والإرادة والمشاعر، وعندما نندفع وراء أهوائنا الجسدية الطبيعيَّة، فنحن لا نكون مقادين بالروح القدس.
من هنا أهمية النمو والنضوج في المسيح لتتميم دعوة الله لحياتنا.
المسحة غير محصورة بالأمور الروحيَّة
يجب أن ندرك أنَّنا لا نتجرَّأ على القيام بأي عمل بدون مسحة الله في حياتنا، ولكلّ عمل نقوم به مسحة خاصَّة، وهي ليست محصورة بخدَّام الرب أو بالأمور الروحيَّة في الحياة.
المسحة هي التي تمكِّننا وتجهِّزنا للقيام بالعمل الذي يوكلنا به الله.
نحن نتمتَّع بالمسحة لنكون آباء، أو أزواجًا، أو زوجات أو غير ذلك… لنقوم بمشاريع تجاريَّة، أو لنتمِّم دعوتنا في الحياة… ولنقوم بما منحنا الله الموهبة لفعله في حياتنا.
إنَّه لأمر رائع أن يستخدم الله شخصًا للقيام بعمل لا يستطيع القيام به بمفرده. هذه هي قوَّة المسحة!
يسوع هو مثالنا
جاء في رسالة فيلبِّي 2: 10، ‘‘لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَمَنْ عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَمَنْ تَحْتَ ٱلْأَرْضِ’’.
هو الله، وهو كليّ القدرة! لكنَّه أيضًا مثال لنا في التواضع. وتدعونا الآيات 5-8 من الأصحاح نفسه إلى الاقتداء به:
‘‘…لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا لِلهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ ٱلنَّاسِ… وَأَطَاعَ حَتَّى ٱلْمَوْتَ، مَوْتَ ٱلصَّلِيبِ’’.
القوَّة مرتبطة بالطاعة. ينطلق عمل النعمة في حياتنا عندما نتخلَّص من أهوائنا الأنانيَة والجشعة والمستقلَّة ونتَّضع أمام الله.
وعندما تختار أن تطيع الله طاعة جذريَّة، فإنَّ القوَّة نفسها التي أقامت المسيح من بين الأموات تعمل فيك ومن خلالك، ويُدهشك عمل مسحة الروح القدس في حياتك!