
.
تعمل صديقتي ‘‘بيني’’ وزوجها في مجال الخدمة منذ أكثر من 20 سنة، وكانا من رعاة الكنائس. وعملت ‘‘بيني’’ لديّ أيضًا، وكانت تساعدني في احتياجاتي الشخصيَّة، فتكوي ملابسي، وترتِّب أشيائي، وتحضِّر لي القهوة، وتصلِّي لأجلي، وتلبِّي احتياجاتي كافَّة.
وكان أناسٌ كثرٌ يولونها أهمية كبيرة نظرًا للدور الرعوي الذي تضطلع به، وكانوا يعرفونها جيِّدًا ويلجأون إليها طلبًا للمساعدة. لكنَّها لم تمانع القيام بمهام متواضعة لأجلي، فهي تعرف جيِّدًا هويتها في المسيح وليس عليها أن تحمل لقب ‘‘راعِ’’ أو ‘‘قائد’’ لتشعر بالأمان.
‘‘بيني’’ متحرِّرة من الحاجة إلى نيل إعجاب الناس، وهي حرَّة للقيام بأي عمل لأجل الرب. وهذه واحدة من أعظم الحريات التي يمكن أن نتمتَّع بها.
ليس عليك أن تثبت شيئًا
يسعى جميع الناس جاهدين إلى نيل إعجاب الآخرين، وتعود أسباب ما نشعر به من ضغط وتوتُّر وخوف في حياتنا إلى حاجتنا إلى كسب تقدير الناس.
هل تتخيَّلون كم كنا لنشعر بحرية لو أنَّنا عشنا حياتنا لأجل الله ولم نقلق بشأن رأي الناس فينا؟ كم هو رائع أن ندرك أنَّه ليس علينا أن نثبت شيئًا للناس، وأن نكتفي بما خلقنا الله عليه!
يجب أن نعرف هويتنا في المسيح وأن ندرك ما يمكننا فعله وما لا يمكننا فعله، فنقوم بما نقدر عليه بكلّ تواضع، ونتقبَّل بسلام حقيقة عجزنا عن فعل بعض الأمور. فالكثير من الأشخاص يفتخرون بما يمكنهم فعله وينزعجون ممَّا يعجزون عنه.
واكتشفتُ أنَّه توجد حرية حقيقيَّة في التمكُّن من القول، ‘‘لا يمكنني القيام بهذا الأمر. ليست هذه موهبتي أو دعوة الله لحياتي. ولا أعتقد أنَّ الله يقودني للقيام بهذا العمل’’.
وعندما يكون هذا اتِّجاه قلوبنا، لن نقارن أنفسنا بالآخرين ولن نتنافس معهم، ولن نسعى إلى مشاكلة هذا الدهر عبر السعي إلى ارتداء الملابس التي تمليها علينا مجلَّات الموضة، أو إيجاد الوظيفة ‘‘المناسبة’’ أو كسب المدخول الذي يجعلنا ‘‘مهمِّين’’.
كان يسوع يعرف مَن يكون، ومن أين جاء، وإلى أين يذهب، لذا، استطاع أن يخلع ثيابه وأن يأخذ منشفة ويتَّزر بها، ويغسل أرجل تلاميذه (يوحنا 13: 4-5).
العيش لله يمنحني الحرية
أريد أن أمجِّد الله سواء كنت أتبضَّع أو كنت جالسة وحدي في المنزل أو أتكلَّم في مؤتمر. أريد أن يكون الله محور حياتي واهتماماتي، عندئذٍ أحدِّد ما يمكنني فعله وما لا يمكنني فعله، وليس عليّ أن أتمكَّن من فعل كلِّ شيء. فأنا أستمدّ الأمان من هويتي في المسيح، ولا أشعر بالتهديد أمام الأشخاص الذين يستطيعون فعل الأمور التي لا أقدر عليها. وليس عليّ أن أعرف كلَّ شيء وأن أمتلك الأجوبة كافَّة لأكون بخير.
أنا حرَّة أيضًا لوضع حدود والقول ‘‘لا’’ عند الحاجة لأني لا أسعى إلى إرضاء الناس، بل إلى طاعة الله. وخدمة الله تجعل مني خادمًا أفضل للآخرين. ويمكنني أن أحب الناس فعلًا عندما أمتنع عن التفكير في نفسي أو أتساءل عن رأيهم بي.
وليس عليك أن تشبه الآخرين أو أن تحذو حذوهم، فالله خلقك لتكون إنسانًا مميَّزًا ولتتمتَّع بالحرية لتكون الإنسان الذي خلقك لتكونه. فثبِّت قلبك وفكرك عليه، وأيًّا يكن ما تفعله، افعله لأجله.
حياة الحرية هي حياة متمحورة حول الله!